تقرير صحفي عن الاخطاء الطبية

نصح مختصون في الجودة المستشفيات بالعناية بتحسين جودة الأداء لتقليل تكاليف الخدمات الصحية، وأرجعوا نسبة كبيرة من ارتفاع التكاليف إلى تدني الجودة المتمثل في الأخطاء الطبية وانتشار العدوى في المستشفيات، إضافة إلى أن هذه الأعباء الاقتصادية الكبيرة تصاحبها الوفيات والآلام ومعاناة المرضى، وترهق كاهل المستشفيات وتهدر جهودها وتضطرها إلى تحمل تكاليف إعادة المعالجة وتصحيح الأخطاء.
وقال الدكتور على الشايع استشاري الجودة الصحية أن الجودة بدأت في القرن التاسع عشر لرفع مستوى جودة المنتجات الصناعية وانتقلت بعد ذلك إلى جودة الخدمات الطبية، عندها قامت جمعية الجراحين الأمريكيين في مطلع القرن العشرين بوضع معايير قياسية للإجراءات المستخدمة في العمليات الجراحية بهدف رفع جودة العمل وتقليل الأخطاء الطبية ومن ثم التقليل من تكلفة العمليات الجراحية. وفي منتصف القرن العشرين أصبح مفهوم الجودة والتكلفة هاجس جميع المؤسسات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية فقد قامت الجمعية الأمريكية للجودة بتعريف تكلفة الجودة بأنها التكلفة الناجمة عن تقديم خدمة متدنية الجودة، وتعرف مجموعة Midwest Business Group on Health تكلفة الجودة بأنها التكلفة التي لن يتم تحملها لو تم القيام بشكل مستمر بجميع الأنشطة من دون قصور.
وأضاف الشايع أن تكلفة الجودة (أو تكلفة تدني الجودة) تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول تكلفة الوقاية: وهي تكلفة الأنشطة الموجهة للوقاية من تدني جودة الخدمة، مثل تكلفة وضع المعايير والمؤشرات والسياسات والإجراءات، وتكلفة اجتماعات اللجان المركزية للجودة، وخطط الجودة وسلامة المرضى. والثاني تكلفة التقييم: وهي التكلفة المرافقة لقياس الخدمة والتدقيق لضمان مطابقة الخدمة للمعايير القياسية، مثل تكلفة معايرة أجهزة المختبر، والتدقيق الطبي، وتكلفة تقييم المستشفى وفق معايير للقياس، وتكلفة التجارب الوهمية للحريق. والثالث تكلفة الفشل: وهي التكلفة الناتجة عن عدم مطابقة الخدمة للمواصفات القياسية، وتكون إما قبل تقديم الخدمة للمريض (الفشل الداخلي)، مثل تكلفة إعادة اختبار معايرة السكر في الدم على نفس العينة الدموية المسحوبة من المريض نتيجة استخدام محلول غير نظامي في المرة الأولى، أو بعد تقديم الخدمة للمريض (الفشل الخارجي) مثل التكلفة المترتبة على إعادة عمل جراحي لمريض نتيجة نسيان قطعة من الشاش في مكان الجراحة.
وقال أيضا إن أهمية تكلفة الجودة في المستشفيات كبيرة نظراً للارتفاع المستمر في تكلفة الرعاية الصحية، وتزيد تكلفة الرعاية الصحية في المستشفيات بنسبة 21% سنوياً (تقديرات CMS للسنوات 2002-2010). كما تبلغ تكلفة الخدمات الصحية المباشرة في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 1.4تريليون دولار عام 2001، ويقدر بأن حوالي 30% منها تنجم عن تدني الجودة، أي ما يساوي 420مليار دولار في ذلك العام. وهذه المشاكل في تدني الجودة لا تؤدي إلى الوفيات والألم ومعاناة المرضى فقط، بل تحمل معها أعباء اقتصادية كبيرة نتيجة نقص الإنتاجية وتكاليف إعادة المعالجة، وتقدر تكلفة نقص الإنتاجية بحوالي 105إلى 210مليارات دولار. ويمكن أنت يؤدي تدني الجودة إلى الهدر أو زيادة أو نقص أو سوء الاستخدام للإجراءات التي أثبتت البراهين السريرية أو أدلة إجراءات العمل فاعليتها. ويعرف زيادة الاستخدام على أنه إجراء غير ضروري لعمل جراحي أو اختبارات دموية أو صور أشعة أو أدوية. وبحسب Wennberg. Fisher. and Skinner فإن برنامج Medicare يمكن أن يؤدي إلى توفير يبلغ 29% نتيجة تخفيض التباين في الرعاية الصحية. أما نقص الاستخدام فمثاله عدم تقديم أدوية سيئة للجلطة الدموية في مرضى احتشاء القلب. وسوء الاستخدام مثل العدوى المكتسبة في المستشفى.وأما الهدر فيتمثل في شراء كثير من الأجهزة الطبية التي ليس لها داع.
ودلل الشايع على الأثر الاقتصادي لتدني الجودة على المستشفيات بما ورد في تقرير معهد الطب الأمريكي (To Err Is Human. 2001) الذي قدر حدوث ما بين 44000إلى 98000وفاة سنوياً في المرضى المنومين في المستشفيات نتيجة الأخطاء الطبية، تبلغ تكلفتها ما بين 17إلى 29مليار دولار سنوياً، والتكلفة الطبية المباشرة حوالي نصف هذا الرقم. فيما قدر التقرير عدد الأذيات الناجمة عن الأخطاء الطبية بأكثر من 300.000مريض في السنة. وتبلغ عدد الإصابات بالعدوى المكتسبة في المستشفيات مليونين في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً، ويمكن الوقاية من ثلث إلى ثلثي هذه الإصابات، وتؤدي إلى ما بين 20000إلى 60000وفاة سنوياً مما ينجم عنه خسارة تبلغ 18مليار دولار في السنة، ناهيك عن تكلفة معالجة الأمراض المعدية المكتسبة في المستشفى والتي تبلغ أكثر من 1.4مليار دولار سنوياً (CDC). وتقدر الكلية الأمريكية للجراحين أن تخفيض الإنتانات الجراحية في المستشفيات والتي تشكل 40% من العدوى المكتسبة في المستشفيات يوفر 3152دولارا لكل مريض.
وفي عيادات مايو كلينيك، أفاد Carleton Rider منسق التحسين المستمر للأداء أن تكلفة تدني الجودة تبلغ مئات الملايين من الدولارات، ويمكن توفير 30% منها في تحسين العمليات الطبية. كما أدى تطبيق مشروع الوصفات الالكترونية (CPEO) في مستشفى Brigham and Women s Hospital في بوسطن ( 700سرير) إلى تخفيض الأخطاء الدوائية بنسبة 80% من 140إلى 30لكل 1000يوم تنويم في المستشفى، مما يوفر ما بين 5إلى 10مليون دولار سنوياً وهذا يفوق كثيراً تكلفة تأسيس المشروع والتي تبلغ 1.4مليون دولار.
وحول تكاليف الحصول على شهادات الاعتماد الدولية وفوائدها الاقتصادية تحدث د. ياسر العبيدا: دكتوراه في الإدارة الصحية وحاصل على الزمالة الأمريكية في جودة الرعاية الصحية. قائلا بأن شهادات الاعتماد الدولية هي عبارة عن آلية ضخمة لقياس جودة الأداء في المنشاة حسب معايير عالمية للجودة، ويتم ذلك عن طريق تدريب وتوعية مستمر لجميع العاملين في المنشات الصحية حول كيفية تطبيق هذه المعايير العالمية لرفع مستوى الأداء وضمان سلامة المرضى. ويزور المنشآت الصحية خلال فترة التطبيق خبراء عالميون لتدريب وتعليم العاملين على كيفية التطبيق الصحيح، وفي نهاية الفترة المخصصة يقوم فريق آخر من الخبراء بزيارة رسمية للمنشأة لمدة 5- 7أيام لقياس مستوى الأداء العام للمنشأة الصحية ومدى كفاءة وفعالية العاملين فيها، وهذا ليس فقط للطاقم الطبي فقط بل جميع العاملين في جهاز التمريض والقني والإداري.

تقرير اكثر من رائع وفية معلومات لم اكن لاتصور انها موجودة فعلاً في المستشفيات الامريكية